منتديات عشاق الحرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات عشاق الحرية لمن يعشق الحرية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لمن تسمع ؟

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الـطــ السعــــيد ـــائر
عضو نشيط
عضو نشيط
الـطــ السعــــيد ـــائر


مصر
ذكر
عدد المساهمات : 58
نقاط : 53017
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 16/11/2009
العمر : 45
المدينة : جدة

لمن تسمع ؟ Empty
مُساهمةموضوع: لمن تسمع ؟   لمن تسمع ؟ Emptyالجمعة نوفمبر 27, 2009 1:31 pm

لمن تسمع ؟
إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ آل عمران102
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً النساء1

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً الأحزاب71،70 ].

أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا محمد صل الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
ثم أما بعد ..
فحياكم الله جميعا أيها الأخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً ، وأسأل الله – جل وعلا – الذي جمعنا في هذا الوقت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفي صل الله عليه وسلم في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك ومولاه ..
أحبتي في الله :
نحن اليوم بحول الله ومدده على موعد مع لقاء من لقاءات سورة التربية والأخلاق (( سورة الحجرات )) .
وما زلنا بتوفيق الله وحوله مع أول آية من آيات هذه السورة الجليلة الكريمة التي يعلم الله – عز وجل – فيها المؤمنين الصادقين الأدب مع سيد المرسلين ، يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات/1]
ما زلنا نطوف في بستان هذه الآية الممتع الجليل ، تكلمت عن الأدب القلبي مع حبيبنا النبي صل الله عليه وسلم وحديثنا اليوم بإذن الله – جل وعلا – عن الأدب العملي مع سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم
أما الأدب العملي فقد بينه الرب العلي في آية جامعة في قوله تعالى : { َمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الحشر/7].

تعالوا بنا في إطار هذه الآية الجليلة التي تبين محوري الأدب من طاعة فيما أمر وانتهاء عما نهى عنه النبي صل الله عليه وسلم
تعالوا بنا لنطوف في بستان الأدب العملي الممتع من خلال المحاور التالية :
أولا : أدلة القرآن
ثانياً : أدلة السنة
ثالثاً : واقع مشرق
رابعاً : واقع مؤلم
وأخيرا : سبيل النجاة
فأعرني قلبك وسمعك وبصرك أيها الحبيب اللبيب

أولاً : أدلة القرآن :
لقد جعل الله – تبارك وتعالى – طاعة النبي صل الله عليه وسلم طاعة له – جل وعلا طاعة النبي صل الله عليه وسلم طاعة لله ، ومعصية النبي صل الله عليه وسلم معصية لله ، قال تعالى:{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} [ النساء/80] تدبروا هذا التكريم من الرب العلي للحبيب النبي صل الله عليه وسلم : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} آية حاسمة تبين مكانة نبينا صل الله عليه وسلم عند ربنا فطاعتك لرسول الله صل الله عليه وسلم طاعة لله ومعصيتك لرسول الله صل الله عليه وسلم معصية لله قال جل وعلا: { أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } [النساء/59] ولاحظ أن الله جل وعلا أمر بفعل: {وَأَطِيعُواْ} { أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} فقدم طاعة الله ، وطاعة رسوله صل الله عليه وسلم بفعل الأمر: {وَأَطِيعُواْ} ولما أمر بطاعة ولي الأمر لم يصدر هذه الطاعة بأمر: أطيعوا وإنما قال: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} لماذا ؟ .

لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعتهم لله ورسوله صل الله عليه وسلم ، إنما الطاعة في المعروف ، أما الطاعة المطلقة بلا تردد ولا انحراف لا تكون إلا للرب العلي ، وللحبيب النبي صل الله عليه وسلم قال تعالى: { أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

بل لقد جعل الله – تبارك وتعالى طاعة النبي صل الله عليه وسلم وإتباعه – تدبر – علامة على محبة العبد للرب أكرر : لقد جعل الله – تبارك وتعالى – طاعة النبي صل الله عليه وسلم وإتباعه – تدبر – علامة على محبة العبد للرب قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران/31] لقد جعل الله – جل وعلا – هذه الآية الجليلة علامة ، ليتبين من خلالها المحب الصادق من الدعي الكذاب
فالمحب الصادق لله هو المتبع لرسول الله صل الله عليه وسلم والدعي الكذاب في محبته هو المخالف لأمر رسول الله صل الله عليه وسلم .
علامة حاسمة دقيقة يستطيع كل واحد منا الآن أن يتعرف من خلالها على صدق محبته لربه – جل وعلا – فعلى قدر إتباعك للمصطفى يكون حبك لله وعلى قدر انحرافك عن منهج المصطفى صل الله عليه وسلم يكون بغضك لله وأنت لا تدري {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي} أي : فاتبعوا المصطفى رسول الله صل الله عليه وسلم {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ..

تعصي الإله وأنت تزعم حبه
إن كان حبك صادقاً لأطعته
من يدعي حب النبي ولم يفد
فالحب أول شرطه وفروضه
هذا لعمري في القياس شنيع
إن المحب لمن يحب مطيع
من هديه فسفاهة وهراء
إن كان صدقاً طاعة ووفاء

بل لقد أقسم ربنا بذاته العلية تدبروا هذه اللطيفة القرآنية لقد أقسم ربنا بذاته العلية أنه لا يثبت إيمان لأي أحد على وجه الأرض إلا إذا حكّم رسول الله صل الله عليه وسلم في كل شيء في حياته وشؤونه ، ثم رضي بحكم رسول الله ولم يجد في حكمه حرجاً في صدره، وسلم لحكم النبي صل الله عليه وسلم تسليما مطلقاً قال تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } قسماً بذات الله العلية {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء/65] قال إمامنا ابن القيم – لله دره: تحكيم رسول صل الله عليه وسلم في كل شيء مقام إسلام ، وعدم وجود الحرج في الصدر من حكمه مقام إيمان والتسليم الكامل لحكمه مقام إحسان
أكرر : تحكيم رسول صل الله عليه وسلم في كل شيء مقام إسلام ، وعدم وجود الحرج في الصدر من حكمه مقام إيمان والتسليم الكامل لحكمه مقام إحسان {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } .
بل لقد جعل – الله تعالى – طاعة النبي صل الله عليه وسلم سبيلاً وحيداً لبلوغ الصراط المستقيم، ولبلوغ الهداية التي جعلها الله غاية ، فما من مسلم إلا ويتضرع إلى الله في كل ركعة من ركعات الصلاة ، من صلاة الفرض ، وصلاة النفل يتضرع إلى الله أن يرزقه الله الهداية، فيقول:{اهدِنا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } أنت تدعو الله بهذا الدعاء ، إن أردت أن تٌهدى إلى الصراط المستقيم فها هو الذي يدلك عليه ويأخذ بيدك إليه قال ربي – جل وعلا – لنبيه صل الله عليه وسلم : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى/52] .
تدبر القرآن لتعلم كيف تسلك الصراط المستقيم كل الطرق كل الطرق إلى الله مسدودة – إلا من طريق المصطفى صل الله عليه وسلم لا وصول للطريق المستقيم إلا خلف النبي الأمين صل الله عليه وسلم .
الزم دربه إن وضع الحبيب صل الله عليه وسلم رجله اليمنى على هذا الصراط فضع رجلك اليمنى على أثر قدم الحبيب صل الله عليه وسلم ، وإن وضع رجله اليسرى فضع قدمك اليسرى على أثر الحبيب صل الله عليه وسلم ، والزم الغرز ، واتبع الطريق ، واسلك الدرب ، ولا تنحرف يمنة ولا يسرة ، لترى حتماً في آخر هذا الطريق ، لترى الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم ينتظرك على الحوض ، فإن شربت من هذا الحوض شربة لن تظمأ بعدها أبدا ، حتى تتمتع بالنظر إلى وجه الله في الجنة فالزم غرزه .
تدبر معي هذا الحديث الجميل الذي رواه أحمد في مسنده بسند صححه العلامة أحمد شاكر رحمه الله تعالى – من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه – قال صل الله عليه وسلم : (( ضرب الله مثلا - تدبر المثل سترى فيه من الجواهر واللآليء والدرر ما نحن في أمس الحاجة إليه – قال الحبيب صل الله عليه وسلم : (( ضرب الله مثلا ً صراطاً مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران ))
تصور معي طريق صراط مستقيم وعلى جنبتي الصراط – أي على كل جانب من جانبي الصراط سور عظيم ((وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما )) : أي في السورين ((فيهما أبواب مفتحة وعلى كل باب ستور مرخاة )) ستر كل باب بمجموعة من الستائر المرخاة ((وعلى السورين فيهما أبواب مفتحة ، وعلى كل باب ستور مرخاة وعلى رأس الصراط في أوله داعٍ يقول : أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا)) ((على رأس الصراط)) أي في أوله داعٍ يقول : أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ، ومن فوق الصراط داعٍ آخر إذا أراد أحد الناس على الصراط أن يفتح بابا من هذه الأبواب
على السورين التي ألقيت عليها الستور المرخاة (( يقول الداعي من فوق الصراط : ويحك ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه )) لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه أي : إن فتحت دخلت .
تدبر التأويل والتفسير من البشير النذير ، قال صل الله عليه وسلم : ((الصراط هو الإسلام والسوران حدود الله ، والأبواب محارم الله ، والداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم )) ..
(( الصراط هو الإسلام والسوران حدود الله)) فهذا الصراط له حدود {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق/1]. ((والأبواب المفتحة محارم الله)) إذا أردت أن تفتح أبواباً من هذه الأبواب يقول لك هذا الداعي: ويحك لا تفتحه لا تقترب من المحارم ، فالحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، فالراعي إذا رعى حول الحمى يُوشك أن يقع فيه .
فلا تقترب من محارم الله ، لأنك لو اقتربت يوشك أن تقع ويُوشك أن تلج ويوشك أن تزل ، هذا الصراط لا يمكن لسالك على الإطلاق أن يسلكه ، دون أن يتعدى الحدود ، ودون أن يفتح باباً من الأبواب المستورة ، إلا إذا سلك طريق رسول الله صل الله عليه وسلم الذي بعثه الله للخلق ليهديهم إلى الصراط المستقيم {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{52} صِرَاطِ اللَّهِ } [ الشورى/53،52] الآية .
فسلوك الدرب دون انحراف واعوجاج لا يكون أبداً إلا لمن أطاع رسول الله صل الله عليه وسلم
قال تعالى: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [ النور/54]
وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف/158].
إذا إتباع النبي صل الله عليه وسلم سبب الهداية وسلوك درب الهداية، ثمرة حتمية للطاعة وللإتباع، للطاعة وإتباع النبي صل الله عليه وسلم
قال جل وعلا: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } هذا شعار أهل الإيمان فوق أي أرض وتحت أي سماء : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ - وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } [النور/52،51] .
قال تعالى ليبين حالة المنافقين أيضا بعد أن بين حال المؤمنين قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدا ً- وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } النساء /61،60] .
آيات واضحات بينات يبين فيها رب الأرض والسماوات حال المؤمنين وحال المنافقين اعرض نفسك الآن على الآيتين ، الكلام لي ولك .
لا تتصور أنني أخاطب بهذا القول غيري وغيرك لا ، اعرض نفسك الآن على الآيتين ، هل أنت من المؤمنين أم من المنافقين ، لا تستكثر كلمتي ، فلقد خشي النفاق على نفسه عمر بن الخطاب فلا تستكثر أن أتساءل وأقول : هل نحن من المؤمنين أم من المنافقين أم امتلأت قلوبنا بالنفاق ونحن لا ندري .
فالمؤمن شعاره السمع والطاعة ، بلا تردد ولا حذلقة ولا فذلكة ولا انحراف ، ولا جدل والمنافق شعاره السمع والإعراض ، السمع والصد السمع والانحراف السمع والبعد عن هدي رسول الله ، فأعرض نفسك على الآيتين هل نحن من المؤمنين الصادقين هل نحن ممن ردد مع السابقين الأولين قولتهم الخالدة {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} البقرة/285] أم أننا ممن قال : سمعنا وعصت قلوبنا ، وعصت جوارحنا ربها ونبينا صل الله عليه وسلم .
اصدق اصدق اخي الكريم ، فما أيسر الادعاء ، وما أرخص التنظير ، وما أسهل الكلمات اعرض نفسك على أوامر رسول الله صل الله عليه وسلم ونواهيه لتتبين كيف حالك ، هل أنت صادق أم أنت مملوء بالنفاق ، وأنت لا تدري لا أريد أن أطيل النفس مع أدلة القرآن وإلا فوالله إنها لكثيرة .

ثانياً : أدلة السنة : روى البخاري وغيره من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صل الله عليه وسلم قال : (( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله ))(1) .

تدبر هذا اللفظ النبوي البليغ: ((من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله)) وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أيضاً أنه صل الله عليه وسلم قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة )) .. ما شاء الله اللهم لك الحمد .. (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى )) يعني : إلا من رفض أن يدخل الجنة – قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ .. من يرفض أن يدخل الجنة من أمتك – فقال: ((من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى))(2) .

تدبر أيها اللبيب قال صل الله عليه وسلم (( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )) ..
ومن أرق الأحاديث في هذا الباب ما رواه البخاري وغيره من حديث جابر ابن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: جاءت ملائكة إلى النبي صل الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم – أي بعض الملائكة: إن لصاحبكم هذا مثلا، فاضربوا له مثلا فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان – فالنبي صل الله عليه وسلم إن نامت عينه لا ينام قلبه عن ذكر ربه أبداً – إن العين نائمة والقلب يقظان .
قالوا : مثله صل الله عليه وسلم كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة – أي وليمة للطعام وأرسل داعيه – أي بعث داعيا لدعوة الناس للدخول إلى الدار للأكل من طعام المأدبة - مثله كمثل رجل بنى دارا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيه قال : فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ، ومن لم يجب الداعي ، لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة .
قالوا: أولوها له يفقهها – يعني : فسروا له هذا المثل ، ليفقهه ليفهمه – فقال بعضهم : إنه نائم وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، قالوا: الدار الجنة، والداعي محمد صل الله عليه وسلم – فمن أطاع محمداً صل الله عليه وسلم فقد أطاع الله ومن عصى محمداً صل الله عليه وسلم فقد عصى الله عز وجل – ومحمد صل الله عليه وسلم فرق بين الناس – أي فرق بين المؤمنين والكافرين والمنافقين – فمن آمن به وأطاعه فهو المؤمن الذي يدخل الدار ويأكل من المأدبة أي يدخل الجنة ويستمتع فيها بنعيم الله ، والكافر أو المنافق هو الذي عصى محمداً صل الله عليه وسلم وهو الذي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة( ) أي لن يدخل الجنة ولن يستمتع فيها بنعيم الله – جل وعلا .

وفي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي ، وغيره من حديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال: وعظنا رسول الله صل الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قلنا: كأنها موعظة مودع، فأوصنا يا رسول الله فقال صل الله عليه وسلم ( أوصيكم بتقوى الله – عز وجل – والسمع والطاعة )) .. وصية رسول الله لنا السمع والطاعة ((وإن تأمر عليكم عبد حبشي ، فإنه من يعش منكم بعدي ، فسيرى اختلافاً كثيرا )) صلى الله على الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صل الله عليه وسلم (( فإنه من يعش منكم بعدي ، فسيرى اختلافاً كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )) ( ).
أكتفي بهذا القدر أيضا من أدلة السنة وإلا فوالله إنها لكثيرة وجليلة .
ثالثاً : واقع مشرق :
هل تحولت هذه الأدلة القرآنية والنبوية في حياة جيل من أجيال البشر إلى منهج حياة وإلى واقع عملي ، والجواب : نعم ! إنه الجيل القرآني الفريد ، إنه جيل الصحابة ، إنه الجيل الذي رباه المصطفى صل الله عليه وسلم وكفى ، إنه الجيل الذي رباه المصطفى صل الله عليه وسلم وكفى ، جيل الصحابة .
الصحابة الذين حولوا كل ما استمعتم إليه في حياتهم ، إلى واقع عملي ، إلى منهج حياة ، كانوا يستمعون إلى الأمر الرباني ، والأمر النبوي ، فترتجف لهذا الأمر قلوبهم ، وتتحرك في التو واللحظة ، لتنفيذ الأمر – جوارحهم ، وتترجم في التو واللحظة هذا الأمر أعمالهم بلا تردد ولا انحراف إذا أمر الله ائتمروا إذا أمر رسول الله صل الله عليه وسلم ائتمروا ، إذا نهى انتهوا ، إذا حد لهم وقفوا عند الحد بصورة ورب الكعبة يكاد العقل أن يطيش أمامها كلما راجعت كتب السنة ، وكتب السيرة وكتب التاريخ ، يقف الإنسان مدهوشا أمام هذه الطاعة الجليلة العظيمة الفارهة .

تدبروا بعض الأمثلة على وجه السرعة ...

روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : كان أبو طلحة – رضي الله عنه – أكثر الأنصار مالاً بالمدينة ... كان أبو طلحة – رضي الله عنه – أكثر الأنصار مالاً بالمدينة قال : وكان أحب ماله إليه بيرحاء ، وبيرحاء : اسم حائط للنخل حائط بستان كبير به نخل وكان هذا الحائط مستقبل المسجد النبوي ، وكان النبي صل الله عليه وسلم كثيرا ما يخرج من مسجده ، ليدخل إلى حائط بيرحاء عند أبي طلحة ، ليشرب فيه ماءً بارداً ، وليأكل فيه تمراً هنيا – بأبي هو وأمي .

قال : وكان أحب ماله بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، فلما نزل قول الله تعالى : {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } آل عمران /92] .

تدبروا أيها الإخوة والأخوات – لما نزل قول الله تعالى : {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } يعني : لن تصلوا إلى درجة البر إلا إن أنفقتم من أحب أموالكم إليكم ، فلما سمع أبو طلحة الأنصاري الآية الكريمة أسرع إلى النبي صل الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله بقد نزل قول الله تعالى : {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } وإن أحب مالي إلي بيرحاء ، وإني جعلتها صدقة لله – تعالى – أرجو بها وجه الله – عز وجل – فضعها يا رسول الله حيث شئت ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ((ذلك مال رابح ذلك مال رابح ذلك مال رابح ))(1) .

وقد سمعت ما قلت .. هل في لغة البشر ما يستطيع بها بشر أن يعبر عن طاعة هؤلاء البشر لسيد البشر صل الله عليه وسلم ؟! لا والله ، طاعة غريبة عجيبة ، وسمع مشرق .

وكيف أتحدث عن مثل هذا وأنسى الحديث عن صديق الأمة ، ذلكم الرجل الفريد بين خلق الله في أرض الله ، بعد الرسل والأنبياء ، لا نظير لهذا الرجل العملاق ، ضرب أروع المثل في السمع والطاعة ، بل في أحلك الأوقات وأشد الظروف والأزمات ، والإنسان بشر يتألم ويحزن ، وتجرح مشاعره ، ويفرح .
فلما خاض الخائضون في عرض عائشة بنت الصديق حبيبة رسول الله صل الله عليه وسلم لما خاض الخائضون في عرضها وقالوا قول الإفك الآثم زل رجل من بين هؤلاء يقال له : مسطح بن أثاثة مسطح هذا كان الصديق – رضي الله عنه – ينفق عليه إنفاقا تاما ومع ذلك زل مسطح في عرض عائشة بنت الصديق ، فلما نزلت براءتها من السماء أقسم أبو بكر أن يمنع العطاء عن مسطح بن أثاثة .
أمر فطري جبِلي ، فالبشر بشر، العبد عبد، والرب رب فأقسم الصديق أن يمنع عن مسطح فنزل قول الله – جل وعلا: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ } يعني: لا يحلف أولوا الفضل منكم على منع العطاء .
{وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [النور/22] دعا رسول الله صل الله عليه وسلم الصديق فقرأ عليه الآية فبكى أبو بكر – رضي الله عنه – حين سمع قول الله : { أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } قال : بلى والله يا رسول الله والله أحب أن يغفر الله لي ، والله لأردن على مسطح ما كنت منعته عنه من العطاء (1) .

انظروا إلى السمح ، ما قال : لا يا رسول الله ، سبني ، جرح عرضي ، جرح شرفي وهو محق في كل هذا ، إن قال : لا .. لا يقول هؤلاء مثل هذا في حضرة رسول الله صل الله عليه وسلم أمام كلام الله وأمام كلام رسول الله صل الله عليه وسلم لا .. والله أحب أن يغفر الله لي والله لأردن على مسطح ما كنت منعته عنه من عطاء .
وحين مات المصطفى صل الله عليه وسلم وتعطل جيش أسامة ، وبعث أسامة فلقد أمر النبي صل الله عليه وسلم أسامة بن زيد بعد ما أمّره على جيش أن يخرج لمناطحة الصخور الصماء، في بلاد الشام، لتأديب قبائل الروم ، والقبائل العربية التي أغارت على حدود الدولة المسلمة، وأمر النبي صل الله عليه وسلم على الجيش الحب ابن الحب أسامة ابن زيد، وهو شاب صغير، لم يبلغ ساعتها الخامسة والعشرين اختاره النبي صل الله عليه وسلم قائداً وجعل النبي صل الله عليه وسلم في هذا التوقيت أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وغيرهم تحت قيادة أسامة – رضي الله عنه وعن أبيه .
فلما توفي المصطفى وتولى الأمر من بعده أبو بكر – رضي الله عنه – توقف بعث أسامة وانتظر أسامة بعد ما سمع بمرض النبي صل الله عليه وسلم وتألم كل أفراد الجيش وبعد يومين اثنين كما قال الإمام الطبري بعد يومين اثنين من موت النبي صل الله عليه وسلم أمر الصديق بإنفاذ بعث أسامة وقال: يا أسامة اغز حيث أمرك رسول الله صل الله عليه وسلم اغز حيث أمرك رسول الله صل الله عليه وسلم .. فاعتذر أسامة بأن المدينة مهددة بعد موت النبي صل الله عليه وسلم فقال الصديق : والذي نفس أبي بكر بيده لو تخطفتني السباع لأنفذت بعث أسامة كيف أعطل بعثاً بعثه رسول الله ؟! ثم قال : والله لو لم يبق في المدينة غيري لأنفذت بعثاً أمر به رسول الله صل الله عليه وسلم ...
يا خالق هؤلاء سبحانك !! يا خالق هؤلاء سبحانك !!
بل يأمر النبي صل الله عليه وسلم يوماً على المنبر الصحابة أن يجلسوا ويسمعوا كما في سنن أبي داود بسند صحيح عبد الله بن مسعود ، مازال على باب المسجد ، فهو هناك يسمع قول النبي صل الله عليه وسلم (( اجلسوا فجلس، جلس لم يقل : أتقدم حتى أجلس بين يدي رسول الله صل الله عليه وسلم لا لا في هذا المكان سمع النبي صل الله عليه وسلم يقول : ((اجلسوا)) جلس ((أنصتوا)) أنصت فنادى عليه النبي صل الله عليه وسلم ((تعال يا ابن مسعود، تعال يا ابن مسعود)) وفي رواية قال : (( ما أجلسك؟)) قال :: ها هنا سمعتك يا رسول الله تقول : ((اجلسوا)) فجلست ((أنصتوا)) فأنصت ( ).
انظروا إلى طاعة هؤلاء .
بل من أروع وأجمل وأجل ما وقفت عليه ما رواه البخاري ومسلم من حديث علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال علي : بعث رسول الله صل الله عليه وسلم سرية وجعل عليهم رجلا ... اختار النبي صل الله عليه وسلم لهم أميرا ، وأمر النبي صل الله عليه وسلم الصحابة بطاعة أميرهم فهو القائل: (( من أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني )) ( ).
لكن كثيرا من المسلمين لا يفهمون هذا الحديث النبوي ، ولا يحققون مناطه الذي لا بد منه للربط ربطاً صحيحاً ، بين دلالات هذا النص النبوي ، وبين حركة الواقع المتجددة المتغيرة ، فلا ينبغي أن تكون طاعتك لبشر ، على وجه الأرض غير النبي صل الله عليه وسلم - طاعة عمياء إن أمرك هذا تأتمر بدعوى أنه يقول : يقول لك رسول الله : (( من أطاع أميري فقد أطاعني)) ونحتج بالحديث في غير مناطه لا .
انتبهوا يا شباب : فأنا دائما أكرر ، أنا لا أنكر عليك صحة الدليل ، بل أنكر عليك فهمك للدليل وتحقيقك لمناط الدليل لا تكن الطاعة مطلقة إلا لبشر واحد هو المصطفى صل الله عليه وسلم أما الطاعة لأي بشر ولو للصديق أبي بكر ، لا تكون أبدا ، إلا إذا كانت هذه الطاعة موافقة لهدى رسول الله صل الله عليه وسلم : (( إنما الطاعة في المعروف )) .
فأمر النبي صل الله عليه وسلم الصحابة بالطاعة للأمير ، فوجد عليهم : أي غضب عليهم وحزن منهم في أمر ما فقال لهم هذا الأمير: أو ليس رسول الله صل الله عليه وسلم قد أمركم أن تطيعوني قالوا : بلى قال: اجمعوا حطباً ، فجمعوا حطباً قال : أوقدوا ناراً ، فأوقدوا الحطب ناراً ، قال الأمير: ادخلوها ، فهم القوم أن يدخلوها طاعة لأميرهم ، بل إن شئت فقل : طاعة لنبيهم صل الله عليه وسلم فمن الله عليهم بثياب منهم ، فاهم رزقه الله الفهم ، فالطائفة الأولى أذعنت للدليل وهذا الشاب المبارك بصرهم بفهم الدليل ومناطه فماذا قال ؟ قال : والله ما فررتم إلى رسول الله صل الله عليه وسلم إلا خوفاً من هذه النار ، والله ما فررنا وما آمنا بالله ورسوله صل الله عليه وسلم إلا لينجينا الله من هذه النار فندخلها قال : لا ، لا تفعلوا حتى نرجع إلى رسول الله صل الله عليه وسلم لنخبره ، فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها ، فيصبح الأمر هنا من رسول الله صل الله عليه وسلم .
لكن انظروا إلى الطاعة ، إن أمركم رسول الله صل الله عليه وسلم أن تدخلوا النار فادخلوها فلما رجعوا إلى النبي صل الله عليه وسلم أخبروه ، اسمع ماذا قال رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ قال : (( والله لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف )) ( )..
تعلموا يا شباب فقد يغرر بابن من أبنائنا بحديث كهذا ويقال له : تعال اقتل فلانا اسفح دم فلان ، بدعوى أنك تخدم الإسلام ، وبدعوى أنك مطيع لهذه الجماعة ، وطاعتك للأمير طاعة للرسول صل الله عليه وسلم كلا ، دجل ، كذب ، ضلال ، بهتان ، افتراء ، ليس من دين الله – جل وعلا – فالطاعة لا تكون إلا بالمعروف .
فاسأل الربانيين من العلماء ولا تندرج تحت كلمات لشباب متحمس لا أنكر أنه يريد أن يخدم دينه ، لكن ما هكذا يا سعد تورد الإبل .
فالنبي صل الله عليه وسلم يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في التاريخ والنسائي في السنن من حديث عمرو بن الحمق الخزاعي قال : من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافراً (1) هذا كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى .
فما يحدث الآن في بلاد الحرمين أو غيرها من بلاد الإسلام ، والله لا أصل له في دين الله ، وهذا أمر مخالف كل المخالفة لقرآن الله ، ولشرع رسول الله صل الله عليه وسلم أن تسفك دماء الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال ، باسم الإسلام ، فكم قتل أناس باسم الإسلام ، والإسلام من هؤلاء القتلة براء ، فينبغي أن نرجع إلى الربانيين من العلماء وأن نسمع عن الله ، وعن الصادق رسول الله صل الله عليه وسلم حتى لا تضر من حيث تريد النفع وحتى لا تفسد من حيث تريد الإصلاح ، فليس كل مريد للخير يدركه ، نسأل الله أن يدركه للخير وللهدى وللسبيل المستقيم إنه ولي ذلك والقادر عليه والذي نفس محمد بيده قال : (( والله لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف )) وها هو عمر – رضي الله عنه – يقبل الحجر – والحديث في البخاري وغيره– يقبل الحجر الأسود في الكعبة وهو يقول : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك(2).
أختم هذا العنصر الجليل بهذا المشهد الجليل : ذهب النبي صل الله عليه وسلم إلى زينب بنت جحش – رضي الله عنها – وطلب منها أن تقبل الزواج من مولاه زيد بن حارثة فأبت زينب وقالت: لا ، ما أنا بناكحته أتزوج مولى وهي الشريفة بنت عمة رسول الله قالت: لا ، ما أنا بناكحته ، يعني لن أتزوجه أتزوج مولى فنزل قول الله – جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } [الأحزاب/36] فلما دعا النبي صل الله عليه وسلم زينب وقرأ عليها الآية الجليلة قالت : قبلت يا رسول الله لن أعصي الله ورسوله .
المرة الأولى كان النبي يشفع ، المرة الثانية وجدت نفسها أنها أما طاعة ومعصية فقالت : قبلت يا رسول الله لن أعصي الله ورسوله ، أقبل يا رسول الله ، إنه السمع ، إنها الطاعة ، إنه شعار المؤمنين ، واقع مشرق .
واضطر آسفا أن أهبط بكم هبوطا اضطراريا من هذا الأفق السامي إلى هذا الدرك السحيق في عنصرنا الرابع
أستغفر الله لي ولكم ..

الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صلّ وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه ، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ..
أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام ..
رابعا واقع مؤلم :
والله ما ذلت الأمة وهانت لمن كتب الله عليهم الذل والذلة إلا يوم أن انحرفت الأمة عن طريق نبيها ، والله ما ذلت الأمة وهانت لمن كتب الله عليهم الذل والذلة إلا يوم أن انحرفت الأمة عن طريق نبيها وراحت لتحقق منهج السمع والطاعة لغير الله ورسوله ، فشرقت الأمة مرة وغربت مرة ، وجنحت الأمة نحو الشمال مرة ، ونحو الجنوب مرة ، وظنت أنها بذلك قد ركبت قوارب النجاة ، فغرقت وأغرقت ، واستبدلت بالعبير بعرا ، وبالثريا ثرى ، وبالرحيق حريقا مدمرا ، فأصبحت قصعة مستباحة لكل أمم الأرض وانتهك عرض رجالها وانتهك عرض نسائها ودنست مقدساتها ، وطمع فيها البعيد قبل القريب والذليل قبل العزيز ، والضعيف قبل القوي ، وجاءت كل أمة لتسرق من هذه الأمة المسكينة قطعة والواقع لا يحتاج إلى مزيد بيان .
فما من مسلم يعيش الآن إلا ويحمل قي صدره قلباً ، إلا وهو يعلم هذا الواقع ، فالواقع أليم مرير ، أصبحت الأمة الآن تتأرجح في الطريق بعد أن كانت في الأمس القريب ، الدليل الحاذق الأريب في كل الطرق ، بل في الدروب المتشابكة في الصحراء المهلكة، التي لا يهتدي أبدا بالسير فيها بسلام وأمان إلا الأدلاء المجربون .
وأصبحت الأمة تتسول على موائد الفكر البشري بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب جدا منارة مشرقة تهدي الحيارى والتائهين ، ممن أحرقهم لفح الهاجرة القاتل وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام بعيدا عن منهج الله ، وعن منهج رسول الله صل الله عليه وسلم .
لماذا ؟ لأن الأمة انحرفت وتنكبت الطريق ، لذا فسبيل النجاة في عنصرنا الأخير : هو أن ترجع الأمة من جديد لتسير خلف رسول الله صل الله عليه وسلم ، فدين الله الذي هو الإسلام مبني على أصلين لا ثالث لهما .
الأول :أن تعبد الله وحده لا شريك به .
الثاني : أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صل الله عليه وسلم .
وهذان الأصلان هما حقيقة قولنا : نشهد أن لا إله إلا الله ، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فبالشهادة الأولى يعرف المعبود – عز وجل – وبالشهادة الثانية نتعرف على الطريق الذي يتوصل منه إلى المعبود – عز وجل – هذا الطريق هو طريق محمد بن
عبد الله صل الله عليه وسلم .
سبيل النجاة أن نرجع إلى الله ، وأن نسير من جديد على درب رسول الله صل الله عليه وسلم وأن نردد مع الصادقين السابقين الأولين قولتهم الخالدة : { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } البقرة/285] .
أيها الأحبة : لن تنصر الأمة أبدا على أعدائها إلا إذا حولت هذا المنهج النظري التربوي ، إلى منهج عملي ، يوم أن حول الجيل القرآني الفريد منهج السمع والطاعة إلى منهج حياة حتى سادوا الأرض ، وفي نصف قرن تمكنوا من نصف الأرض ، وتحولوا من رعاة للإبل والغنم ، إلى قادة للدول والأمم ، وما زال منهج الله – جل وعلا – موجودا بكماله وتمامه ، فإن أرادت الأمة النهوض والسيادة والسعادة والكرامة والنجاة ، فها هو المنهج فترجع من جديد .
أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص والصدق في الأقوال والأعمال والأحوال وأن يردنا جميعا وأمتنا إلى هذا الدرب ردا جميلا .
لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
رب أنى ظلمت نفسى و الا تغفر لى و ترحمنى لأكونن من الخاسرين
رب أنى ظلمت نفسى فاغفر لى,انه لا يغفر الذنوب الا انت
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا و اغفر لنا ربنا انك أنت العزيز الحكيم
اللهم آتنا فى الدنيا حسنة و فى الاخرة حسنة و قنا عذاب النار
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا,ربنا و لا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا,ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به,و أعف عنا و أغفر لنا و أرحمنا,أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الكااسر
عضو مشارك
عضو مشارك
avatar


السعودية
ذكر
عدد المساهمات : 20
نقاط : 51060
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/05/2010
العمر : 35
المدينة : حائل - السعودية

لمن تسمع ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمن تسمع ؟   لمن تسمع ؟ Emptyالثلاثاء مايو 18, 2010 11:29 am

تسلم يمينك ع الموووضووع الرووعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمود عزه
• مرآقبـ/ـة •
• مرآقبـ/ـة •
محمود عزه


الأردن
ذكر
عدد المساهمات : 977
نقاط : 55946
السٌّمعَة : -1
تاريخ التسجيل : 27/05/2009
العمر : 35
المدينة : الزرقاء -الأردن

لمن تسمع ؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لمن تسمع ؟   لمن تسمع ؟ Emptyالأربعاء مايو 23, 2012 2:18 am

مشكور على ابداعاتك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمن تسمع ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أي واحد/ة تسمع أغاني بعد سماع هذه القصة راح تكره/ي شي إسمه أغاني بإذن الله تعالى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عشاق الحرية :: القسم الأسلامي :: المنتدى الأسلامي-
انتقل الى: